الثلاثاء، 23 يونيو 2015

أيهما يثاب من يترك التدخين خوفا من الله ومن يتركه خوفا على صحته

السؤال
ما قولكم في شخص مسلم توقف عن التدخين خوفاً على صحته بعد أن أخبره الأطباء بأنه قد يصاب بالسرطان, حيث قال هذا الشخص لولا خوفي من المرض لما توقفت عن التدخين، علماً بأن هذا الشخص يعلم حرمة التدخين، وعلى العكس تماماً هناك شخص مسلم توقف عن التدخين لأنه حرام وليس خوفاً على صحته،
 السؤال هو: هل يستوي الشخصان في التوبة عن ذنب التدخين؟ أم أن التوبة تقبل ممن توقف عن التدخين خوفاً من الله تعالى وليس خوفاً من المرض؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من ترك التدخين خوفاً من الله أثابه الله على تعففه عن الحرام، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عز وجل عنده عشرة حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة. رواه الإمام مسلم.
 وفي رواية عند البيهقي في شعب الإيمان: إن تركها -أي السيئة- كتبوها له حسنة إنما تركها من جرائي.
 قال المناوي في فيض القدير: من جرائي أي من أجلي وإن تركها لأمر آخر صده عنها فلا...
وأما من ترك التدخين خوفاً من المرض فلا يثاب على ذلك لأنه لم يتب بتلك النية إلى الله عز وجل، وأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5450، 21526، 26764، 56908.
والله أعلم.

حكم انتحال الفتاة شخصية امرأة أو رجل في المحادثة عبر النت

السؤال
نظرا لانتشار الشبكة العنكبوتية وسهولة المحادثة مع أشخاص كثر, أدى ذلك إلى انتحالي عدة شخصيات من صنع الخيال مثل شخصية بنت معقدة، بنت من عائلة ثرية ووحيدة، شخصية بنت مثقفة ... حتى وصل بي الأمر إلى التحدث مع الآخر بصفتي ولدا وليس فتاة.
المشكلة هو تعلق الناس بي و مسألة الكذب على الآخرين تؤرقني. كانت مجرد قكرة خطرت في بالي وأحببت تجربتها، علما بأنني إنسانه ملتزمة ومشاركة بعدة جمعيات تطوعية.
أريد أن أتوب ماذا أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا. متفق عليه.
والكذب في المزح فيه وعيد خاص ففي سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم ويل له ويل له.
فعليك أن تتوبي إلى الله عز وجل، فإن ذلك معدود من كبائر الذنوب ويشترط لصحة التوبة:
أولا: أن تندمي على فعلك هذا.
ثانيا: أن تعزمي عزما أكيدا ألا تكذبي أخرى.
ثالثا: أن تقلعي عن هذا الذنب مباشرة.
فإنك إن تبت إلى الله توبة نصوحة تاب الله عليك.
قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ  {الزمر:53}
وانظري الفتوى رقم: 95207.
واعلمي أن ما خطر ببالك إنما هو من وسوسة الشيطان لك فاحذريه.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ  {البقرة:168}
وكذلك محادثتك التي لا تخلو أن يكون منها محادثات مع شاب، وذلك يجوز إلا لحاجة معتبرة شرعا، وفي إطار الضوابط الشرعية.
فتوبي إلى الله عز وجل منه، وانظري الفتوى رقم: 97907.
والله أعلم.

عد إلى الله وحافظ على الصلاة

السؤال
أنا شاب عمري 28 يوجد عندي مشكلة لا أعرف ما أفعل عندما كان عمري 18 أحببت بنتا, وفي جيل 19 دخلت الجيش وبعد فترة ما قررت أن أخرج من الخدمة لعدت أسباب:
1- أني شعرت ورأيت أنه جيش ظلم.
2-وحبي لبنت ما- والله والطريق المستقيم...وبعد فترة أطلقت النار على كف يدي الشمال لكي أخرج من الجيش وأبدأ حياة جديدة. وبعد فترة علاج سنة بالتقريب خطبت الفتاة. وأنا والله هداني إلى الطريق المستقيم..(ولكن انظروا ما حصل لي قبل عقد الكتاب لقد كانت إشاعة أن هذه الفتاة قد حصل معها حالة اغتصاب في محل شغل وكانت في جيل تقريبا 17 وسمعت هذا الشيء ولكني أصررت على أن أتزوج هذه الفتاة وعلى ما عرفت أن الفتاة كانت أظن مخطوبة لفترة 6 أشهر وانفصل ولأسباب ما الله أعلم بعد فترة قليلة من خطبتي للبنت أنا، شاب قال لي إن هذه الفتاة قد (زنت)مع خطيبها الأول, وبصراحة غضبت ولم أنم في هذه الليلة وبعد يوم ذهبت إلى الشاب الذي قال لي وضربته .ولم أقل لأحد ما جرى...وبعد فترة سألت خطيبتي على حالة الاغتصاب وقالت لي وكانت تبكي: نعم هذا قد حصل معي وأنا والدي لا يعرفون الحقيقة. أنا في الصراحة انقهرت وسكت ...وفي هذة الفترة بدأت أبني بيتي في القرية وخطيبتي بدأت تدرس في الجامعة لفترة 4 سنوات وبعد فترة بدء الغرام والحب والغير ...قبل أن أعقد الكتاب على سنة الله ورسوله كانت توجد علاقة رومنسية مع خطيبتي وكنا على اتفاق بعد عقد الكتاب سوف نجامع بعض وهذا ما جرى. ولكن هذة كانت لي مفاجأة بعد ما دخلت عليها بثوان لم يخرج دم من الغشاء أو أي أوجاع...ومن هنا بدأت المشاكل لا أعرف ما أفكر وبدأ الظن (في الشاب الذي قال لي إن خطيبها الأول قد زنا فيها (في فترة التعارف-الفاتحة)أو حالة الاغتصاب...لا اعرف ما أقول. وكما قالت لي: إن (الحيوان )الذي اغتصبها قد هاجمها من الخلف وليس من الأمام...لقد أخذتها إلى دكتور النساء وكانت تبكي بشدة لعرف السبب وقال لي أنه يوجد عندها غشاء مطاطي...وفي الصراحة سكت واستمرت الخطبة وكنت أعاشرها لا أحد يعرف, كان يوجد عندي غيرة وكان بيننا بعض الخلافات, ولكن بعد فترة سنتين كان وضعي المادي ضعيفا وكنت أعمر البيت وأحتاج إلى أموال كثيرة لكي أنهي البيت وأنا لا أستطيع أن أعمل فقط شغلا محددا لأني (معاق )في يدي...ويظن هذه مشكلة, وطالت الخطبة حوال 3 سنوات وكان يوجد بعض المشاكل التافهة من الغيرة ...ولكن في يوم اتصل الأب وقال لي: سوف أنهي هذه الخطبة وحاولت أن أفهم ما السبب وحاولت أن أصلح أنا وأهلي, ولكن رفضوا والبنت أيضا رفضت وأنا أحب خطيبتي كثيرا, ولكن طلبت الطلاق هي ووالداها وحاولت أن أتكلم معها وبعد فترة ذهبت المحكمة الشرعية لأول جلسة وقلت للحاكم إني أريد الصلح ولا أريد الطلاق وأريد التحدث مع زوجتي, ولكن الأب رفض وبكيت كثيرا وقلت للحاكم لا يوجد عندي نية الطلاق ولكن لا حول ولا قوة إلا بالله ....ومنذ حين حزين وقلق وسواس وغضب شديد وخسرت زوجتي وتركت الصلاة ولا أشتغل ووقفت البناء وبدأت أدخن الحشيش وأنا على هذه الحال 3 سنوات وضيق الصدر لا أعرف أشعر وكأنْني مريض نفسانيا, أو لا أعرف مسحور حتى هذا اليوم أبكي لأني خسرت ديني وزوجتي حتى لا أستطيع أن أنسى حتى يوجد عندي تفكير شياطيني الانتقام أو أي شيء ولكن لا أستطيع لأني أخاف الله ولكني مقهور لماذا طلقوني من هذه الفتاة وأنا أحبها (وفي المحكمة لم أستطع أن أقول إني دخلت عليها أو ما جرى لها ....أرجوكم ساعدوني ما الذي جرى لنفسي وماذا أفعل لكي أرجع للصلاة لأني تعبان كثيرا والشياطين توسوس في كل نفسي داخلي وخارجي .......... ساعدوني؟ .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج همك، وأن يكشف كربك، وأن يقدر لك الخير حيثما كنت. وإن أولى ما ننصحك به أن تتوب إلى الله تعالى من ترك الصلاة وتعاطي الحشيش ، فإن ذلك من أخطر الأمور ومما قد يزيد به الهم والشقاء ، فما يدريك أن يفجأك الموت فتلقى الله وأنت على هذا الحال فتخسر دينك ودنياك. وراجع الفتويين 1208 ، 13135.
والخطيبة أجنبية عن خاطبها، فإن كان قد وقع منك مع هذه الفتاة بعض الأمور المحرمة في فترة الخطبة فالواجب عليك التوبة أيضا، وأما إن كنت قد عقد لك عليها وحصل منك شيء من ذلك معها بعد العقد عليها فلا حرج عليك في ذلك؛ لأنها حينئذ زوجة لك شرعا. وإن كان الأولى مراعاة ما قد يكون متعارفا عليه من تأخير الدخول إلى بعد العقد ، وراجع الفتوى رقم 30292.
وقد أخطأت بسؤالك هذه الفتاة عما إذا كانت قد زنت أم لا، وأخطأت أيضا بأخذك إياها إلى الطبيب للفحص، ومن جهة ثالثة أخطأت باتهام ذلك الشاب بأنه قد زنا بها من غير بينة؛ إضافة إلى ضربك له بناء على ذلك, فيجب عليك التوبة من هذا كله واستسماح ذلك الشاب. وقد أخطأت هذه الفتاة أيضا بإخبارها إياك بأنها قد وقعت في الفاحشة، وقد كان الواجب عليها أن تستر على نفسها، وأما زوال غشاء البكارة فقد يحصل بأسباب غير الزنا كما بينا بالفتوى رقم: 103011.
  ولا يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها الطلاق لغير مبرر شرعي، ولا يجوز لأهلها تحريضها على ذلك، بل ينبغي أن يسعوا في الإصلاح قدر الإمكان، وأما هذا الطلاق فما دامت قد أوقعته المحكمة فلا كلام لنا فيه، فإن كان ثمة تظلم منك من هذه الجهة فينبغي أن تراجع المحكمة، ثم إن النساء غيرها كثير فقد ييسر الله تعالى لك زوجة خيرا منها ، فلا تقلق نفسك بالتفكير في أمرها، وما يدريك فقد يكون الله تعالى صرف عنك شرا بوقوع هذا الطلاق.
 قال سبحانه: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ. {البقرة 216}.
  والله أعلم.

نقد الأشخاص الجائز منه والممنوع

السؤال
سؤالي شيخي الكريم عن الحكم في المسائل التالية:
1- هل إذا انتقدت تصرفا ما لأخي أو أبي أمام أحد من أهل بيتي أمام أختي أكون قد أذنبت فأنا لا أستطيع أن أقول أمام أبي أو أخي عن سوء تصرفهم خصوصا إذا تضايقت منهم بشيء فأنا لا أكون أقصد النميمة .
2- هل إذا فضفضت عن ما بدر من زوجي وضايقني لأمي أو أختي أكون قد أذنبت؟.
3- هل إذا انتقدت شكلا أو تصرفا لشخص ما بصوت منخفض دون أن يسمعني أحد أكون قد أخذت ذنبه؟
4- هل إذا انتقدت أمي مثلا بيني وبين نفسي لتصرفاتها التي لا تعجبني بغض النظر عن موضوعها أكون قد أسأت وأذنبت بحق أمي ؟
5-أنا أحيانا أتحدث مع نفسي عن كل ما يضايقني من حولي لأنني لا أحب أن أفضفض أمام أحد فقد أسب أو أشتم مع حديثي الخاص؟
أرجو توضيح الحكم الشرعي لي فأنا أحس بتأنيب الضمير بهذه الأمور؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد حرم الله الغيبة، وصور فاعلها في صورة بشعة، قال تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ {الحجرات:12}.
وقد عرّف النبي صلى الله عليه وسلم الغيبة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ. قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ. قَالَ: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ. رواه مسلم.
والغيبة تباح في بعض المواضع للمصلحة، وقد ذكر الإمام النووي في شرح مسلم، ستة أسباب تبيح الغيبة، ومنها التظلم، فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان أو القاضي، وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه، و الاستعانة على تغيير المنكر.
وعلى ذلك فإن ذكر شيء من عيوب أبيك أو أخيك أو زوجك عند أمك أو أختك، لا يجوز إلا أن يكون في ذكره مصلحة، من تغيير المنكر أو إزالة الظلم، أو طلب مشورة.
وأما عن انتقاد شخص بصوت منخفض دون أن يسمعه أحد، فإن كان لا يشتمل على سب أو طعن بما ليس فيه، فلا حرج فيه، أما إذا كان يشتمل على سباب أو كلام فاحش، فهو غير جائز، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش البذيء. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
وأما عن انتقاد تصرفات أمك أو غيرها، في نفسك دون التكلم مع أحد، فلا إثم في ذلك، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
وننصح السائلة أن تستعين بالله وتبث شكواها إليه ، فهو سبحانه قريب مجيب.
والله أعلم.

كيف تعودين إلى تذوق حلاوة الإيمان والقرب من الله

السؤال
مشكلتي تتلخص أني ذقت حلاوة الإيمان والقرب من الله في سن المراهقة والحمد لله أنعم الله علي بالزوج الذي يحترمني, اتفقنا على طاعة الله كنت إذ ذاك أسكن بمدينة صغيرة حتى ارتحلت لأعيش مع زوجي في مدينة كبيرة بها صخب ومزيفات الدنيا الزائلة وما فتئت أنصاع لها، لم أعد محجبة بدأت أتهاون في الصلاة تداركت أمري وتحجبت ثانية ولكن لم أستطع تذوق الإيمان إني أحس بالضياع والتعاسة ولو أني أعيش حياة سعيدة رفقة زوجي وابني، أعطاني الله من كل النعم شكرته بالكلمات ولم أشكره بالفعل، أعلم أنه العقاب وهو الحرمان من تذوق الطاعة والحب لله أبعدني الله، أريد الرجوع كيف؟ جزاكم الله كل الخير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن شعورك بالتقصير والإساءة أمر طيب، فمن الناس من قد يزين له سوء عمله فيراه حسناً فيكون ذلك مدعاة للإغراق في الضلال، قال تعالى: أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء  {فاطر:8}.
 والذي نرشدك إليه أولاً هو البحث عن الأسباب التي دعتك إلى الوصول إلى هذا الحال من التفريط، فتعملين بعد ذلك على إزالة هذه الأسباب، إذ إن التصفية هي المقدمة الصحيحة للتربية، ولا بد أن تكون التخلية قبل التحلية، فعليك بالتوبة النصوح والندم على كل لحظة تفريط في جنب الله..
ثم عليك باتباع الوسائل التي تعين على الثبات على الدين، وزيادة الإيمان في قلبك، وقد ذكرنا جملة منها في فتاوى لنا سابقة نحيلك منها على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19370، 17666، 10943.
والله أعلم.

موقف المسلم من النمام وحكم هجر الأخ فوق ثلاث

السؤال
أنا مسافر إلى السعودية ومع اثنين من زملائي فى نفس التخصص، وعندي مشكلة كبيرة لا أعرف من يتحمل وزرها، وهي أني بعد مجيئي إلى السعودية قام أحد الزملاء بالتعاون مع رئيسي المباشر، وذلك للتفرقة بيني وبين زميلي الآخر، وأنا كنت جديدا بالمملكة، وطبعا عملوا علي حصارا كبيرا وعقدوني فى الشغل وكرهوني فى حياتي، وفى النهاية وقعت فى المحظور وقمت بمخاصمة الزميل الثالث ونحن موجودان مع بعض بدون كلام لمدة سنة كاملة، وأنا أتعذب لأني لا أحب خصام أحد، ولكن الزميل الخائن ينقل كل شيء للرئيس. والله لو كلمته ووجد العلاقة ترجع يقلب علي، وأنا لا أعرف هل أتحمل وزر الخصام؟ في النهاية تدخلوا بينا إلى أن ساءت العلاقة وكرهني وأنا كرهته بدون سبب، والزميل الخائن وأنا آسف في التعبير، ولكن أنا أعاني مرارة الظلم من يوم قدومي إلى الآن. فأفتوني بالله عليكم ماذا أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما يقوم به زميلك ورئيسك من تضييق عليك وحصار لك إثم كبير؛ لأن إيذاء المسلم بدون وجه حق حرام، وما يقوم به زميلك هذا من نقل للكلام مما تسبب في حدوث الأحقاد بينك وبين زميلك نميمة محرمة، والنميمة من كبائر الذنوب، وهي تدل على خبث صاحبها وسوء طويته، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: لا يدخل الجنة قتات. أي نمام. جاء في التيسير بشرح الجامع الصغير للمناوي: ولذلك قالوا النميمة من الخصال الذميمة، تدل على نفس سقيمة وطبيعة لئيمة، مشغوفة بهتك الاستار وكشف الأسرار، وقال بعض الحكماء: الاشرار يتبعون مساوئ الناس ويتركون محاسنهم، كما يتبع الذباب المواضع الوجعة من الجسد ويترك الصحيحة، وقالوا: الساعي بالنميمة كشاهد الزور يهتك نفسه ومن سعى به ومن سعى إليه، ورأى بعضهم رجلاً يسعى بآخر عند رجل فقال له: نزه سمعك عن استماع الخنا كما تنزه لسانك عن النطق به، فإن السامع شريك المتكلم. انتهى.
وضابط النميمة المحرمة هو ما جاء في فتح الباري: وقال الغزالي ما ملخصه: النميمة في الأصل نقل القول إلى المقول فيه، ولا اختصاص لها بذلك، بل ضابطها كشف ما يكره كشفه، سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه أو غيرهما، وسواء كان المنقول قولاً أم فعلاً، وسواء كان عيباً أم لا، حتى لو رأى شخصاً يخفي ماله فأفشى كان نميمة. انتهى.
فعليك بنصح زميلك الذي يسعى في هذه الفتنة، وأن تعلمه بقبح فعله، وتذكره بعقاب الله وأخذه للعصاة الظالمين، وقد يكون من المناسب أن تحاول مع ذلك تألف قلبه بهدية أو غيرها من أبواب الإحسان، فإن من كياسة الإنسان وفطنته أن يحول أعداءه إلى أصدقاء، وهذا ما طلبه القرآن وحث عليه، فقال سبحانه: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.
ولكن مهما حدث فما كان لك أن تهجر زميلك الآخر ولا أن تقاطعه، فهجر المسلم بدون مسوغ شرعي حرام، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه مسلم. وجاء في سنن أبي داود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. صححه الألباني.
بل قد جاء وعيد شديد فيمن هجر أخاه سنة فقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه. صححه الألباني. جاء في فيض القدير: أي مهاجرته سنة توجب العقوبة كما أن سفك دمه يوجبها. والمراد اشتراك الهاجر والقاتل في الإثم لا في قدره، ولا يلزم التساوي بين المشبه والمشبه به، ومذهب الشافعي أن هجر المسلم فوق ثلاث حرام إلا لمصلحة كإصلاح دين الهاجر أو المهجور أو لنحو فسقه أو بدعته. انتهى.
فسارع إلى إصلاح ما بينك وبين زميلك هذا، ولا تخش الناس، فالله أحق أن تخشاه. واعلم أن من توكل على الله واتقاه كفاه، ودفع عنه كيد الكائدين وشرور المفسدين.
والله أعلم.

من تاب من مواعدة الفتيات هل يلزمه شيء تجاههن

السؤال
شيخنا الفاضل: حتى وقت قريب كنت شابا عابثا منصرفا إلى الدنيا وملذاتها، وكنت أقيم علاقات محرمة مع الكثير من الفتيات في وقت واحد ـ والحمد لله ـ صحى قلبي وعدت إلى ربي وبكيت حرقة وندما على ما فعلت وأسأل الله أن يقبل توبتي، طلبت من والداي البحث لي عن زوجة ذات دين وخلق ووجداها وهما في طور التفاهم وأسأل الله أن تكون فاتحة خير علي، ومشكلتي هي في من كنت أواعدهن من الفتيات ولم أجد طريقة لأخبرهن بالحقيقة، حقيقة أني كنت عابثا والله هداني، فكرت في قول الحقيقة مباشرة، ولكن الحقيقة سبقتني إذ عرف بعضهن أنني كنت عابثا وأنني كنت أواعدهن في وقت واحد، فانهلن علي بالدعاء بالشر وقلن لي أنهن لن يسامحنني أبداً، أنا أعرف أن الله غفور رحيم وأنني أرجو عفوه ومحسن الظن به، ولكن عدم مسامحتهن لي، هل يرتب عليها إثم؟ وهل يكن خصوما لي يوم لا ظل إلا ظل الله تبارك وتعلى؟ أرشدوني، كيف أمحو ذنوبي الآن في الدنيا قبل أن أقف بين يدي الرحمن بارك الله فيكم؟ فقلبي يعتصر وأخاف أن أعاني من تبعات ذنوبي، بارككم الرحمن وسدد خطاكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه أن يثبت خطاك على سبيل التوبة والإنابة وأن يغفر لك ما أسلفت من ذنوب ويكفر عنك ما كسبت من سيئات، واعلم أنه لا يلزمك شيء تجاه هؤلاء الفتيات وليس لهن عليك حقوق، ولا تعد لمحادثتهن ـ ولو بالاعتذارعما كان ـ لأنه يفتح عليك أبواب الفتنة مرة أخرى، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 114706.
وكل ما يلزمك هو أن تحفظ قلبك وتقيم نفسك على طريق التوبة والعمل الصالح، ثم ننصحك بالإكثار من الأعمال الصالحة المكفرة، فقد قال الله سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ  {هود:114}.
 وفي صحيح الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن. حسنه الألباني.
والله أعلم.